
✨أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ✨
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيا أيها المؤمنون، هذا ربكم تبارك وتعالى يقول لكم: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال ٤٦]؛ هذا أمر الله تعالى لعباده المؤمنين المجاهدين أن يطيعوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في ترك التنازع، ثم أخبر سبحانه أن هذا التنازع المتمثل في المجادلة والمجاذبة وانتصار كل فريق لرأيه، وتربص خطأ المخالف، واقتناص زلاته، وتسفيهه، واختلاف الكلمة، وغياب وحدة الموقف؛ يُفضِي -بحسب الآية- إلى شيء واحد وحيد، إنه (الفشل)، ثم انظر مادة (فشل) المُعجمية؛ تجد فيها معاني: الضعف، والوهن، والفرقة، والتفتت، وانظر مادة (فشل) الصوتية؛ تجد هذا كذلك في ضعف الفاء، وتفشيى الشين وانتشارها، وامتداد صوت اللام، إنه انتشار للضعف وامتداده...
وإن الفشل يفضي إلى شيء واحد وحيد، إنه ذهاب الريح، وذهاب الريح هنا كناية عن ذهاب القوة والصولة والدولة. ثم إن الآية كما شخصت العِلَّة والداء، وصفت أنجع الدواء؛ متمثلاً في قوله تعالى "واصبروا"، الصبر الذي يعني (الحبس)، حبس ماذا؟ إنه حبس اللسان عن الكلام الذي يؤدي إلى الاختلاف، وحبس القلم عن المقالات التي تبوء بالشقاق والبُعاد، وحبس الأيدي والسلاح الذي ينذر بالفرقة والدمار، وحبس كل ما من شأنه أن يؤديَ إلى النزاع وفرقة الكلمة...
فإذا ما استجاب المسلمون لأمر الله تعالى بترك التنازع، وأطاعوه، وأطاعوا رسوله، وتغافل كل فريق عن زلات الآخرين، وتناسى ضعفه وسقطته، وقدموا حسناتهم، ومواقف فضلهم، وتذاكروا ما سبق من مواقف اجتماعهم، وأخذوا من جرعات الصبر المُرَّةِ ما يحبس الضغينة في الصدور، ويمنعها من أن تجري على الألسنة والأقلام؛ كانت النتيجة مُسعِدَةً مُدْهِشَةً، وما أسرع الفرج عندها، إنه تأييد الله تعالى لِتَيْنِكَ الفِئَتَيْنِ معًا، وذلك قوله تعالى في تذييل الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾؛ إنها معيته الخاصة: معية التأييد، والتسديد، والتوفيق، والإرشاد الإمداد، والإسعاد؛ وهذا كله لا يبشر إلا بالنصر الأكيد...
فيا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ بترك التنازع، وأطيعوه بالصبر على مرارة المحنة، وقولوا كما أحب الله تعالى: "سمعنا وأطعنا" ..
ولتُسْكَتِ الغَوْغَاءُ، وليأخذ أهل الرأي والقيادة والحكمة والتَّعَقُّلِ من كلا الطائفنين مواقعهم في رأب الصدع، وسد الخلل، وجمع الكلمة، والتعالي على حظوظ النفس والعصبية البغيضة، وأخذ العبرة الحسنة، والاستفادة منها... وليعجلوا بذلك؛ فإنه أحب إلى الله تعالى، وأخزى لأعدائه وأغيظ، وأذهب لشماتتهم؛ فلات أوان تلاوم وشقاق، وشماتة ببعض، وتحميل بعض أوزار ما فات؛ وقد تكاثرت علينا المحن واشتدت، ولكم في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ماء المريسيع أسوة حسنة...، وفي قول ابن مسعود -لما اختلف مع عثمان رضي الله تعالى عنهما في أمر-: "الخِلافُ شَرٌ".
قدموا الحسنة، وأخروا السيئة
﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة ٢٣٧]، ولتحشدوا لمنازلة مع عدوكم أخرى؛ تُنسينا هذه، وتذهب حَرَّها...
وما أجدر أن نستحضر موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم: : "إنَّ للَّهِ تبارَكَ وتعالى خَزائنَ للخَيرِ والشَّرِّ، مَفاتيحُها الرِّجالُ، فَطوبى لمن كانَ مِفتاحًا للخَيرِ مِغلاقًا للشَّرِّ، وويل لمن جعلَهُ مِغلاقًا للخَيرِ مِفتاحًا للشَّرِّ" (حسن)
ألا رحم الله تعالى من أمسك قلمه ولسانه عن كل ما يجرح ويُفَرِّقُ ويُشْمِتُ الكافرين والمنافقين، ألا رحم الله تعالى من قدَّم كلمةً تُوَحِّد وتُجَمِّعُ وتُحَبِّبُ...
ثم ليعلم هؤلاء وهؤلاء أن المؤمن ينصح ويُجَمِّعُ، وأن الفاسق يغش ويُفَرِّقُ، وأن المؤمن يُظهر المليح، ويستر القبيح، وأن المنافق يُظهر القبيح، ويستر المليح؛ فانظر نفسك من أي الفئتين تكون ...؟؟؟!!!
(أبو عبد الله، زكريا)
إرسال تعليق