
✨💥 (المُسَارَعَةُ فِي أَهْلِ الكِتَابِ بِشَارَةٌ) 💥✨
بقلم فضيلة الشيخ: زكريا بن طه شحادة (أبو عبدالله).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
✒️ قَالَ الصَّادِقُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 52].
فِي مُسَارَعَةِ مَنْ ظَاهِرُهُ الإِسْلَامُ وَبَاطِنُهُ الشَّكُّ وَالخُذْلَانِ فِي أَهْلِ الكِتَابِ مُصَالَحَةً وَوَلَاءً وَاسْتِنْصَارًا دِلَالَتَانِ:
* الأُولَى: دِلَالَةٌ عَلَى مَا فِي قُلُوبِ أُولَئِكَ القَوْمِ مِنَ المَرَضِ القَلْبِيِّ، وَهُوَ مَرَضُ النِّفَاقِ، وَهُوَ إِظْهَارُهُمُ الانْتِمَاءَ لِأُمَّةِ الإِسْلَامِ، وَإِبْطَانُهُم العَدَاءَ لَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ}؛ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ضَعْفِ اليَقِينِ بِاللهِ تَعَالَى وَالثِّقَةِ بِنَصْرِهِ وَوَعْدِهِ؛ مَا يَدْفَعُهُم إِلَى طَلَبِ النُّصْرَةِ وَالوَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، لِيُثَبِّتُوا لَهُم مُلْكَهُمُ المَوْهُومَ، وَسِيَادَتَهُمُ الهَشَّةَ مِنْ دَوَرَانِ الأَيَّامِ عَلَيْهِم، وَزَوَالِ مُلْكِهِم وَسِيَادَتِهِم، بَعْدَ أَنْ يَنْخَدِعُوا بِقُوَّةِ أَهْلِ الكِتَابِ وَغِنَاهُم وَكَثْرَةِ أَنْصَارِهِم، وَبِضَعْفِ المُسْلِمِينَ وَفَقْرِهِم، وَقِلَّةِ نَصِيرِهِم؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ}، وفِي لَفْظِ المُسَارَعَةِ دِلَالَةٌ عَلَى الإِسْرَاعِ الشَّدِيدِ، وَعَدَمِ التَّرَدُّدِ، وَمُتَابَعَةِ طَوَائِفِ المُنَافِقِينَ بَعْضَهُم لِبَعْضٍ فِي وَلَاءِ أَهْلِ الكِتَابِ وَاسْتِنْصَارِهِم.
* أَمَّا الدِّلَالَةُ الثَّانِيَةُ -وَالتِي فِيهَا البِشَارَةُ- فَهِيَ أَنَّ هَذِهِ المُسَارَعَةَ دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِ الفَتْحِ، الذِي هُوَ أَسْرَعُ مِمَّا كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ، وَهَذَا الفَتْحُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَيْدِي جُنْدِ المُسْلِمِينَ الفَاتِحِينَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى؛ يُؤَدِّي إِلَى هَلَاكِ أَوْلِيَائِهِم مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَانْهِيَارِهِم، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ}، وَعَسَى مِنَ اللهِ تَعَالَى مُتَحقِّقٌةٌ وَاجِبَةٌ، وَبَعْدَ أَنْ يَكُونُوا قَدِ انْكَشَفُوا وَانْحَازُوا إِلَى أَهْلِ الكِتَابِ، وسَالمُوهُم، ووالَوْهُم؛ يَأْتِي الفَتْحُ أَوْ أَمْرُ اللهِ تَعَالَى؛ فَيَخْسَرُونَ أَوْلِيَاؤَهُم مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ؛ لِانْهِزَامِهِم، أَوْ هَلَاكِهِم وَانْهِيَارِهِم، وَيَخْسَرُونَ المُسْلِمِينَ؛ لِخُرُوجِهِم مِنْ عَهْدِهِم، وَانْكِشَافِهِم لَهُم؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، وَفِي العَطْفِ بِالفَاءِ التِي لِلسُّرْعَةِ فِي: {فَعَسَى} وَ {فَيُصْبِحُوا}؛ إِيماءٌ بسُرْعَةِ الفَتْحِ، أَوْ هَلَاكِ أَوْلِيَائِهِم مِنْ مُسَارَعَتِهِم فِي وَلَائِهِم أَهْلَ الكِتَابِ، وَبِالرُّجُوعِ إِلَى الآيَةِ التِي قَبْلَهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]؛ تَكْتَمِلُ الصُّورَةُ، وَيَتَّضِحُ المَشْهَدُ.
إرسال تعليق